قصة غريبة وأحداث عجيبة لا ندرك من وراءها هل هى من تدبير إلهى أم هى سير للأيام وخط للحياة تسير بمقتضى نظام وُضع منذ الأزل. تلك هى قصة من أحببتها أكثر من أى شئ آخر. تلك هى سيرة حب عيشتها وتعلمت منها وغيرتنى وأثرت فىَّ بشكل عميق عمق المحيطات.
هنا أسرد بداية ونهاية ووسط هذه الأيام الجميلة والمؤلمة فى الوقت ذاته.
اليوم هو يوم بداية النهاية. اليوم يوم الوحدة. I feel so lonely.
ربما تسأل لماذا اليوم؟! ماذا حدث؟!!
سأجيبك: بالأمس كانت نقطة التحول. كنت فى حالة نفسية سيئة جداً وكانت روحى لا تستقر ولا تهدأ. كان هذا بسبب تراكم لضغوط نفسية على مدار أيام وأسابيع.
ذهبت لها وكان شكلى واضح بل يصرخ أننى متضايق. سألتنى: "مالك؟ فيه إيه؟!" ويا ليتها لم تسأل. لم أستطع الكلام وقد خُنقت الكلمات فى حنجرتى. لم أقدر أن أنطق كلمة واحدة سواء حلوة أو وحشة. هذا أزادها ضيقاً وجعلها تصر أكثر على سبب ضيقى. هى تريد أن تتداوينى، نعم كانت تريد أن تفعل أى شئ لتريحنى. حاولت أن أجعلها تفهم بدون كلمات فقط بالنظرات، فقط بكلمات غير مسموعة، بحوار يدور عادةً بين القلوب، بين العيون.
لكن هذا كان أصعب من أن يُفهم بأى شكل حتى ولو بالكلمات المسموعة حتى إنى أعجز عن وصف سبب ضيقى بشكل واضح الآن.
كنت أريد أن أذوب، أذوب فى حبها. كنت أريد أن أغرق، أغرق فى عشقها لى. كنت أريدها أن تتحرك، ترفع يدها، تلمس وجهى، تتخلل أصابعها شعرى. كنت أريد أن أشعر بنفسّها الدافئ يصفع جبينى. كنت على غير العادة أشعر ببرودة غير عادية وكأن عظامى تتكسر داخلى من البرد.
كنت أريدها أن تفهم ذلك، هذا كل ما أرتده. جَلست جنبى طول ساعتين أو ثلاث ولكنها لم تدرك مداخلى. أمسكت بيدها أخيراً، حركت يدى ناحية وجهها بعد ما كنت أشعر بالشلل، لمست يداى شفتيها ووضعت كفى على خدودها. وقد سالت دموعى دون أن أدرى. لم أكن أريدها أن ترى دموعى وكنها رأتها أو ربما شعرت بها.
ولأنها لم تكن تدرك ماذا يحدث؟! أثارتها الدموع وجعلها تجن أكثر. أصرت أكثر على معرفة ما يحدث.
حتى هذه اللحظة، لم أستطع أن أتكلم أو بمعنى أصح لم أكن أريد أن أتكلم. قبل ذلك كانت الكلمات لا تخرج لأنى لم أستطع أن أفصح عما بداخلى، لكن الآن كان البركان الخامد بدأ يقذف حمم خارج الفوهه لكنها كانت حمم صعبة تهدم ولا تبنى، تكسر ولا تصلح. لذلك منعتها. منعت مشاعرى التى بدأت تثور داخلى من أن تظهر. ما سبب فوران هذا البركان؟!! وماذا حدث للبرودة بداخلى لتتحول إلى بركان ساخن تثور حممه وتريد أن تخترقنى لتخرج.
فى هذا الوقت جاء أخوها. جلست وحدى، شعرت بدمائى تندفع بسرعة إلى رأسى. تندفع بسرعة لتصتدم بنهايات مساراتها شعرت بقلبى وكأنه ينخلع من مكانه. كان الركان يزأر بصوت أعلى فأعلى وكلما تركتنى لوحدى كلما تملكنى البركان أكثر فأكثر.
تعشى أخوها وتكلم فى التليفون ثم غيَّر ملابسه وقد بدأ البركان يخرج للخارج وقد بدأت أن أنفس عن ضغوطى لها بكل ما فيها من مشاعر بكل صراحة وبكل صدق وبدون وضع أى حدود أو فلاتر أو أقنعة. تكلمت معها عن أحلامى فيها، قلت لها: "واضح إنك تجدى صعوبة فى فهمى ... إنتى مش فهمانى خالص لا فهمتينى قبل كده ولا فهمانى دلوقت ولا هتفهمينى بعد كده."
فقالت: "والحياة صعبة أن تستمر بين إثنين لا يستطيعوا فهم بعضهم البعض."
ربما لا أتذكر الكلمات بالضبط ولكنى قلت لها: "لقد قلتى ما عجزت على أن أقوله. يا لكِ من قاسية."
نعم كانت كلماتها قاسية جداً وقد إغترقتنى كالسهم بدون سابق إنذار.
سألتنى: "وهل هذا ما أرتد أن تقوله؟!!!" فكرت قليلاً فقلت: "ربما لكنى لم أستطع" فردت علىّ: "لقد وفرت عليك الكلام، أصحيح؟!"
سكت وقد بدا أمامى النور ظلاماً وذهبت الشمس وحل محلها ظلام وغيوم.
أنا لم أرد أن أتكلم، لم أكن أريد أن أفقدها. أفقد روحى، أصبحى هى جزءاً منى.